كيف يمكن للاقتصاد السلوكي أن يحرك سلوك المستهلك؟
- Aman Zaid
- 6 أبريل
- 3 دقائق قراءة
تاريخ التحديث: 8 أبريل

هل تتخذ قراراتك الشرائية بناءً على معلومات عقلانية عن المنتج، أم أن هذه القرارات تكون غالباً مدفوعة بالعاطفة أو الحوافز الشخصية؟ قد تعتقد بأنك تتوازن بشكل منهجي بين الإيجابيات والسلبيات قبل اتخاذ قرار الشراء، لكن الاقتصاد السلوكي يكشف عن تحيزات نفسية تؤثر بقوة على خياراتك، أهمها تأثير هالة تجذبك دون وعي نحو علامات تجارية معينة بينما تدفعك بعيداً عن علامات تجارية أخرى. في هذه المقالة نستعرض لك كيف يعمل الاقتصاد السلوكي في مجال الأعمال لجذب المزيد من المستهلكين.
الاقتصاد السلوكي (Behavioral Economics)
يعد الاقتصاد السلوكي علماً اقتصادياً حديثاً يجمع بين علم النفس والاقتصاد في عملية صنع القرار لمعرفة كيف يتخذ الناس قراراتهم. عن طريق دراسة العوامل النفسية، والعاطفية، والمعرفية، والاجتماعية للمستهلكين. إذ تفترض النظرية الاقتصادية القياسية أن المستهلكين يتخذون خيارات عقلانية ومنطقية تزيد من منافعهم. وعلى الرغم من أن جذور هذا العلم تعود لأعمال الفيلسوف الاقتصادي آدم سميث إلا أن من أبرز رواده الباحث ريتشارد ثالر الحائز على جائزة نوبل في عام 2017 عن كتابه "الاقتصاد السلوكي". إذ تعددت المجالات التي يتم تطبيق الاقتصاد السلوكي بها من ضمنها السياسات العامة، المجال الصحي، المجال التعليمي وصولاً إلى مجال الأعمال.
الاقتصاد السلوكي في الأعمال
يختص هذا الجانب بدراسة قرارات المستهلكين والحوافز النفسية والاقتصادية لشرائهم منتج ما أو خدمة معينة، حيث يقدم الاقتصاد السلوكي زخم من الأفكار التي تُمكن رواد الأعمال وأصحاب العلامات التجارية من تحسين خدماتهم، فيما يلي أبرز التطبيقات للاقتصاد السلوكي مع المستهلكين:
التسويق والمبيعات
فهم سلوك المستهلك: سلوك المستهلك هو دراسة كيفية اتخاذ الأشخاص للقرارات عند شراء واستخدام والتخلص من السلع والخدمات. وهو يتعمق في الدوافع والتأثيرات والعمليات وراء اختيارات المستهلك.
استراتيجيات التسعير: على سبيل المثال استراتيجية "القوة التاسعة" أي إنهاء الأسعار بـ .99، واستراتيجية "التأطير" أي التركيز على المكاسب أكثر من الخسائر، واستراتيجية "التثبيت" أي إبراز خيار أغلى سعراً لجعل بقية الخيارات بسعر معقول. تساعد الاستراتيجيات السابقة وغيرها في صياغة العلامة التجارية للرسائل التسويقية الفعّالة المحفزة للشراء.
اقرأ أيضًا.. استراتيجيات "شي ان" في التسعير المتميز
العروض الترويجية: تساهم تقنيات كالندرة، والإلحاح على المبيعات السريعة، والدليل الاجتماعي كالمراجعات والتقييمات في توفير فهم أعمق للمستهلك وجذبه نحو زيادة معدلات الشراء.
ولاء العملاء: يساهم تطبيق استراتيجيات الاقتصاد السلوكي بذكاء في الحصول على رضا العملاء على المدى القصير الذي ينعكس بدوره على تحسين وتطوير العلامة التجارية، مما ينتج عنه إنشاء روابط قوية مع العملاء للحفاظ على ولائهم لأطول مدة.
تصميم وتطوير المنتج
تجربة المستخدم (UX): تحرص الشركات التي تعرض خدماتها أو منتجاتها عبر تطبيقاتها الخاصة بتوفير أفضل السبل لتطوير تجربة المستخدم، إذ يساهم تحليل تجربة المستخدم في التعرف على الإمكانيات التي تجعل تجربته سهلة وممتعة وفعّالة.
هندسة الاختيار (Choice Architecture): ويقصد به تصميم طرق عرض الخيارات على المستهلكين وأثرها على عملية اتخاذ القرار لدى المستهلكين، ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو "التأطير" بمعنى حينما تقدم شركة ما منتج صحي فغالبًا ما يتم إبراز نسبة نجاحه وتأثيره على صحة المستخدمين لجذب العديد من المستهلكين له.
باختصار، يساهم فهم هذه التأثيرات النفسية والتحيزات المعرفية في تصميم الشركات منتجات أفضل، تحسين الأسعار، إنشاء حملات تسويقية مقنعة والتنبؤ بسلوك المستهلكين بشكل أكثر دقة.
تطبيق الاقتصاد السلوكي على أبحاث السوق:
يوفر الاقتصاد السلوكي إطار عمل لفهم الطرق المنهجية التي يتخذ بها الناس قرارات تبدو غير عقلانية في السوق. يمكن أن يساعد دمج الرؤى المستقاة من الاقتصاد السلوكي في أبحاث السوق الشركات على اكتساب رؤية أكثر واقعية لكيفية اتخاذ العملاء للخيارات وفهم دوافعهم، فيما يلي أبرز النقاط لكيفية تطبيقه على أبحاث السوق:
التثبيت والتكيف
يعتمد الناس بشكل كبير على أول معلومة يتلقونها، ويفشلون في تعديل أحكامهم بشكل كافٍ . على سبيل المثال، إذا تم تثبيت سعر المنتج في البداية عند مبلغ مرتفع، فقد تبدو الأسعار المنخفضة اللاحقة صفقة جيدة عند المقارنة. إذ يمكن للباحثين قياس تأثيرات التثبيت من خلال تغيير ترتيب تقديم المعلومات للمشاركين في الاستبيان.
النفور من الخسارة (Loss Aversion)
يقصد به التأثير الذي يشعر به المستهلكين نتيجة خسارة شيء ما بشكل أقوى من مكسبه من الناحية النفسية أو العاطفية. على سبيل المثال، حينما يخسر مستهلك ما 100 ريال في إحدى المنتجات سيكون شعوره بالخسارة أكبر من اكتسابه للمنتج. لذلك يمكن للشركات اكتشاف ذلك من خلال تحليل التقييمات والعمل على تأطير المنتج للمساهمة في موازنة التوقعات في ذهن المستهلكين.
المحاسبة العقلية
يميل الناس إلى تصنيف المال والإنفاق في حسابات ذهنية منفصلة، مثل “ميزانية الطعام” أو “الترفيه”، ويتخذون قرارات مختلفة بناءً على الحساب الذهني الذي يستمدون منه. إذ يمكن البحث عن أدلة على المحاسبة الذهنية من خلال سؤال الناس عن كيفية تخصيص أموالهم ووقتهم على فئات الميزانية المختلفة، هذا الفهم يمكن أن يساعد الشركات في التسويق لميزانيات محددة.
قراءة أخيرة
يختص الاقتصاد السلوكي بعملية اتخاذ القرارات البشرية التي غالباً ما تكون غير عقلانية ومدفوعة بالعاطفة. إذ تؤثر عدة عوامل على خيارات المستهلكين من ضمنها القوة التاسعة. فمن خلال تطبيق الاقتصاد السلوكي على أبحاث السوق، يمكن للشركات أن تكتسب نظرة ثاقبة في التحيزات النفسية لبناء منتجات أفضل، وتحسين تجارب العملاء، وتقديم أساليب تسويقية أكثر إقناعاً.